أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

مشروع الترم الثاني لمى المالكي


الأقليات المسلمة في العالم أولًا: 1- مفهوم الأقلية والجالية. 2- الأقليات المسلمة؛ بين الإيجاب والسلب. 3- البنية الاجتماعية للأقليات المسلمة. 4- حق التمثيل في الحكم، المسلمون قوة.   قصيدة: ما كل سيف فيصل. الوحدة الاقتصادية للعالم الإسلامي؛ أهميتها ومعوقاتها.   1- مفهوم الأقلية والجالية[1] إن مفهوم الكثرة والقلة، يؤخذ دائمًا من النسبية؛ فما زاد على النصف فهو الكثرة، وما نقص عن النصف، فهو القلة.   هذا هو المبدأ العام لمفهوم الكثرة والقلة، وقد عرَّف سيد عبد المجيد بكر الأقلية بقوله: (هي جماعة فرعية تعيش في جماعة أكبر).   أما مفهوم الجالية؛ فقد جاء في القاموس المحيط: (جلُّوا عن منازلهم يجلون جلولًا وجلًّا، جلَوا، وهم الجالَّة)[2] وفي المنجد: (جلَّ: خرج من بلده إلى آخر، فهو جالًّ، الجالة: الجماعة جلَت عن منازلها وأوطانها واستوطنت البلاد التي حلت فيها)[3].   ولكن السيد عبد المجيد بكر، يبدو أنه وضع تعريفه السابق، ناظرًا إلى القلة المسلمة في بلاد الغربة، فقال في تعريفه الكامل للأقلية: (هي جماعة فرعية تعيش بين جماعة أكبر، وتكوِّن مجتمعًا تربطه ملامح تميزه عن المحيط الاجتماعي حوله، وتعتبر نفسها مجتمعًا يعاني من تسلط مجموعة تتمتع بمنزلة اجتماعية أعلى وامتيازات أعظم، تهدف إلى حرمان الأقلية من ممارسة كاملة لمختلف صنوف الأنشطة الاجتماعية أو الاقتصادية والسياسية، بل تجعل لهم دورًا محدودًا في مجتمع الأغلبية).   واضح أن هذا التعريف، قد وضع خصيصًا للأقليات المسلمة، لكن التعريف المطلق للأقلية هو الذي مر بنا: مجموعة صغيرة، تعيش في مجموعة أكبر.   وربما كانت هذه المجموعة الصغيرة متسلطة على المجتمع الأكبر، كالأقلية اليهودية في العالم، والهندوس في القارة الهندية، إن المعاناة في الغربة هي من قدر المسلمين في الأعم الأغلب.   وللمستشار الدكتور جمال الدين محمد محمود، الأمين العام للشؤون الإسلامية في مصر، رؤية حول هذا الموضوع إذ يقول تحت عنوان: (الأقليات الإسلامية، المشكلات الاجتماعية والثقافية) ما يلي: (يستخدم مصطلح: الدول الإسلامية، والدول ذات الأقلية المسلمة، في المجالات السياسية، وفي مجال خدمة الإسلام والدعوة إليه، ويوجد عدة مقاييس لتحديد ما يطلق عليه: دولة إسلامية، وما يطلق عليه: أقلية إسلامية، في دولة من الدول، ومن أدق تلك المقاييس بلا شك، المقياس العددي، إذ تعتبر الدولة التي يزيد عدد المسلمين فيها على 50 / 100 من السكان، دولة إسلامية، فإذا نقصت النسبة عن ذلك، كان المسلمون أقلية في الدولة المعنية)[4].   إن عماد الدعوة إلى الله تعالى ونقل رسالة الإسلام، هو اللغة العربية، وهي وسيلة التفاهم والالتفاف على كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهل وحدت اللغة في الغربة حال الأقليات المسلمة في مصيرهم المشترك؟.   2- الأقليات المسلمة بين الإيجاب والسلب: الأقليات المسلمة في منطقة ما، يسري بينها روح خاصة تجذب الغريب إلى الغريب، هذا الشعور، يحس به من عاناه، أكثر من الذي يقرأ عنه، وقد عبر عن هذه الحقيقة امرؤ القيس لما زار قيصر وأحس بغربته لما كان قرب أنقرة فقال: أجارتنا إن المزار قريب وإني مقيم ما أقام عسيب أجارتنا إنا غريبان ههنا وكل غريب للغريب نسيب   وقد أصبح الشطر الثاني من البيت الثاني، مثلًا يضرب في التقارب بين كل غريبين في ديار الغربة. (وكل غريب للغريب نسيب) هذا الشعور يقرب الغريب إلى الغريب؛ في المصنع وفي الحي السكني، وفي المتنزهات، ويُشعر كلًا منهما أنهما في خندق الحياة، في جبهة واحدة، تجاه عوامل الغربة وقسوة الفاقة والتسلط، والضياع والتشرذم والتبعثر والفوقية وإلغاء الهوية، والقوانين الجائرة والتمييز العنصري والعرقي والديني، ونظرة المواطن إلى هذا الغريب غير المرغوب فيه بشكل عام.   فإذا كانت الغربة وحدها تجمع الغريبين، فكيف إذا رفدها سبب آخر وهو اللغة مثلًا، أو اللون أو العرق؟ لا شك أن الرابطة ستكون أقوى، فكيف إذا كان الإسلام هو الرابط؟ فالإسلام وحد بين الاثنين، ورفعهما بالعقيدة إلى درجة الأخوة. قال الله تعال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] سورة الحجرات الآية 10، وهذه الرابطة أقوى من أي رابطة ذكرها علماء الاجتماع.   ومن إيجابيات الأقلية المسلمة في الغربة، وحدة المصير، وهذا ما يجعل أفراد هذه الأقلية يتوقعون الطوارئ لسبب من الأسباب، لذلك يلجؤون إلى تجمعات خاصة بهم، لحماية أنفسهم من عوادي الحاجة الملحة، للوقوف في وجه العوز المستمر، ولحماية أنفسهم من الذوبان والانصهار، في بوتقة مجتمع غير متقيد بالقيم التي نشأ عليها أفراد الأقلية المسلمة؛ من الأخلاق والحشمة والغيرة على الشرف، والعرض متحلل غالبًا من القيم في السلوك والطعام والشراب، كأكل لحم الخنزير وشرب المسكرات وحتى نظام البيت؛ فإنه يختلف؛ في نظام البيت المسلم تكون غرفة الضيوف الرجال، إلى جانب باب البيت الخارجي أو المدخل، بحيث يدخل الضيف ولا يرى ما في داخل البيت، حيث النساء محجوبات عن أنظار الرجال داخل البيت، ومحجبات خارج البيت، بينما لا يوجد شيء من هذا في نظام البيت لدى غير المسلمين.   والبيت المسلم نظيف، وهو طاهر للصلاة فيه، ويستعمل الماء للطهارة والوضوء استعدادًا للصلاة.   كان معنا في أوكسفورد في الدراسات العليا، أخ يحضر للدكتوراه، ورسالته (البيت المسلم).   السلبيات: أما السلبيات؛ فأولها الزعامة والتزعم. (كل ديك على مزبلته صياح) فلا بد للفرد إلا أن يسيطر على غيره. ومثل هذا السخف أو السذاجة التقوقع حول الوطنية والقومية بدل الإسلامية، كما ترى في المحافل.   فالعربي يلتف حول العربي.   والهندي مع الهندي.   والباكستاني مع الباكستاني.   وحتى العربي تجد: السوري مع السوري.   واللبناني مع اللبناني.   والأردني مع الأردني.   والفلسطيني مع الفلسطيني.   والعراقي مع العراقي.   والمصري مع المصري.   والسوداني مع السوداني.   والسعودي مع السعودي..   ترى هذا في كل مكان تقريبًا؛ في مؤتمر أدبي أو شعبي أو ديني أو سياسي..   يجب أن نبحث عن وحدة العقيدة، لا وحدة العرق أو القطر أو اللون أو أي اعتبار آخر سوى اعتبار العقيدة.   مشكلة الأولاد: أما الأولاد؛ فهم المشكلة الحقيقية الكامنة التي يجب أن يضعها الوالدان نصب عينيهما، من حسن التعامل معهم في تربيتهم ونقل الإسلام إليهم، وإلا أصبحوا بعد الأبوين أو في أثناء وجودهما، قوة صليبية تضاف إلى قوة ذلك المجتمع الصليبي الذي استوعبهم، وسن القوانين على حماية الرذيلة بينهم، وضرب مركز الأب في حماية أسرته ووقايتهم، ولذلك تفتت الأسرة في الغرب، وهذا أخطر ما وصلت إليه الصهيونية في العالم، إنه أخطر عالي العالم من الحربين العالميتين، ولا يمكن أن يرتاح الإنسان في الغرب إلا بعد أن يلغي هذا القانون الخطير، ألا وهو عدم تدخل الوالد في شؤون أولاده بعد سن معينة.   إن مشكلة الاختلاط والحرية الجنسية، من أكبر الأخطار على ناشئة الأقليات المسلمة في العالم، وهذا ما يدق أبواب المراهقة دقًا عنيفًا، وهو السبب الأول لذوبان الأقلية المسلمة في أي منطقة في العالم.   أما مسألة اللباس أو الزي؛ فإنها مشكلة يسهل حلها إذا لبست المرأة ما يتناسب مع الوسط المحيط ضمن الضوابط الشرعية.   3- البيئة الاجتماعية للأقليات المسلمة: بعد الحرب العالمية الثانية، فتحت ألمانيا أبوابها على مصراعيها لاستيراد العمالة لبناء ألمانيا، وكانت بريطانيا في أوج مجدها؛ الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس قد جلبت من الهند العمال ليبنوا المملكة البريطانية؛ سككها الحديدية، مصانعها، مزارعها...   وكان بين هؤلاء المهاجرين أو الجاليات، الكثير من أصحاب الثقافة الضحلة، إنهم عمال، وتكثر فيهم الأمية، ودخلهم المادي محدود، وغالبًا لا يكفي لسد العوز ولقمة العيش الخشنة، وذلك العيش الضنك.   وبعضهم يموت في المناجم، إذ ينهار عليهم، فتأتي الجرافات وتجرفهم مع الأنقاض، أو ينحصر مع مجموعة في فراغ تحت الأرض.. .   لقد أصبح هذا الموضوع، مأساة إنسانية تستوحي منه الأفلام السينمائية مادتها، وكذلك انهيار الأنفاق على من يحفرها..   يعيش هؤلاء العمال في غربتهم، في بيوت متواضعة وكثير من زرائب الحيوانات أفضل منها، أكثرها غير صحي فهي مرتع الأوبئة والأمراض، وليس لهؤلاء الأميين وأشباه الأميين غالبًا مفكر منهم، يجمعهم ويوحد جهودهم بإقامة مسجد يجمعهم في أوقات الصلاة في وقت واحد ومكان واحد، وأن ينشئوا جمعية تساهم في مساعدة أنفسهم، يجمعون ثروة يبنون بها مصنعًا لحسابهم، يبنون مدرسة يعلمون فيها أبناءهم.   فالترابط بين هذه المجموعات بحاجة إلى تفعيل أكثر لتحقيق هذه المجالات الحيوية للعيش الكريم في بلد الغربة.   4- حق التمثيل في الحكم: إن شعبًا تعداده الملايين في بلاد الغربة؛ سواء أكانوا مهجرين، أم جاليات.. . هؤلاء ليسوا أقلية بحال من الأحوال، وكثيرًا ما يكون في حكم الأقلية أصحاب الأرض، فالأرض أرضه، والوطن وطنه، وكان آباؤه وأجداده حكامًا وسلاطين، وقادة ومجاهدين، وأصحاب الكلمة في هذه البلاد، فكيف يعامل هؤلاء معاملة المقطوعين من جذع شجرة، إنهم هم الشجرة.   إن التمثيل في الحكم، حق إنساني مكتسب لكل شعوب العالم، يقول الأستاذ سيد عبد المجيد بكر مشيرًا إلى هذا الموضوع: (هذا عنصر جوهري في حياة الأقليات المسلمة، وعامل ضغط فجر الأوضاع الداخلية في بعض مناطق الأقليات المسلمة ترجمت بحركات المقاومة العنيفة، وتأتينا أمثلة من الفيلبين وأريتريا وأوغادين وفطاني وتايلند، أو من أراكان ببورما، كما أنها تأتي من قبرص ومن تركستان الشرقية ومن الهند. أمثلة عديدة تأتي جوهرية حق تمثيل الأقليات الإسلامية في الحكم لدى جماعات الأغلبية، تشف عن محاولة إثبات الذات والدفاع عن كيان الأقليات المسلمة في محيط الأغلبية، ومحاولة تقرير المصير.   وإن أبرز أسباب هذه الانتفاضات إثبات وجود الشخصية الإسلامية لتلك الجماعات... يضاف إلى هذا، أن مجموعة القوانين الوضعية التي تفرضها الأغلبية قد تتعارض مع تطبيق الشريعة الإسلامية.   سبب آخر جاء من الميراث التاريخي لبعض الأقليات المسلمة؛ فقد كان لهذه الأقليات، كيان سياسي مستقل فكانت دولًا قبل أن تدمج بالقوة، في محيط الأغلبية غير المسلمة، فمن هذا الماضي تستمد بعض الأقليات المسلمة تاريخ نضالها، وتحاول أن تعيد شخصيتها المستقلة في كيان سياسي معترف به، ومطالب الأقليات على الصعيد المحلي، تتبلور في تمثيلهم في الحكم تمثيلًا أمينًا في السلطة، حسب نسبتهم العددية، وعدم التفرقة بينهم وبين سائر مواطنيهم من الأغلبية الحاكمة في شتى المجالات)[5].   المسلمون قوة: تتوزع مجالات القوة، قوة في العقيدة، والتزام بالشريعة، ومناعة من الانحراف...   وقوة مادية تكمن في رأس المال الفعال، القادر على أن يحمي المسلمين من العوز والحاجة إلى المال، وقد كان سلفنا الصالح يخرجون زكاة أموالهم ويوزعونها على المحتاجين، وترفد الزكاة الصدقات وموارد أخرى كالوقف وغيره.   إن الدول لا تكون قوية إلا باقتصاد قوي، ولذلك حرص أعداء الإسلام على استنزاف قوة المسلمين المالية بشتى الوسائل، غرسوا في قلبهم إسرائيل، وأنهكوهم بالحروب في كل الأقطار وفي كل الجبهات وتعد الدول الإفريقية من أكثر دول العالم فقرًا، وكم شهد العالم في إفريقيا من مجاعات وحروب طاحنة...   تجاه الفقر المدقع الذي يتهدد مناطق كثيرة من مناطق العالم الإسلامي نادى بعض المفكرين بإعادة توزيع الثروات في العالم الإسلامي، فواحد يملك مليونًا، ومليون لا يملكون واحدًا، وكان من بين هذه الأصوات الغيورة مشروع تفعيل زكاة الفطر وتوزيعها في العالم الإسلامي وقد (رحب الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بفكرة إنشاء المشروع مشيرًا إلى أن زكاة الفطر وحدها ستصل إلى ملياري دولار أمريكي إذا تم تجميعها على المستوى العالمي)[6].   فإذا كانت قوة زكاة الفطر وحدها بهذا المقدار، فما بالك بهذه الجداول والأنهار والسيول والبحار والمحيطات التي يحرمها المسلمون، وتصب في خزائن أعداء الله تعالى وما ذا سيحصل لو أن هذه القوة الاقتصادية انقطعت عن أعداء الإسلام وتوجهت إلى أصحابها من المسلمين، ماذا سيحصل للاقتصاد الغربي؟ لا شك أن سيقف متسولًا على أبواب الأمة الإسلامية كما قال الشاعر أحمد فرح عقيلان قي قصيدته: وإذا سلاح النفط يُسمع صوتنا وإذا الصناعة حولنا تتسول لمى المالكي 1/1

هناك تعليق واحد:

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.